عادات سورية مؤذية-لا تُسرفوا ولو كنتم على نهر جار

مقال عن الماء , اهمية السلوك و العادات اليومية

9/21/20251 min read

لا تُسرفوا ولو كنتم على نهر جار

قال رسول الله ﷺ: «لا تُسرف ولو كنت على نهر جار». هذه الكلمة النبوية الخالدة وضعت منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام قاعدة ذهبية للبشرية: الماء ليس ملكك وحدك، الماء حياة أمة، الماء أمانة بين يديك.

لكن، في سوريا، مشهد الإسراف يصرخ في كل بيت. بلاليع في الغرف، بلاليع في الشرفات، بلاليع في زوايا السلالم. عادة غريبة لا تجدها إلا هنا: صبّ المياه وكأنها لا تنقطع، قشط وغسل وسكب، وكأن الماء لا ثمن له، وكأن الجفاف الذي يقتل الأرض والناس لا يعني أحداً.

النساء في سوريا يتحمّلن جزءاً كبيراً من هذه الكارثة. نعم، أنتنّ اللواتي حولتن البيت إلى نهر اصطناعي كل يوم. بدلاً من استعمال المكنسة أو القماشة، يفتح الحنفية، ويُسكب الماء بالدلّو وكأنه مجرى نهر. هذا ليس تنظيفاً، هذا تبذير، هذا قتل بطيء للمستقبل. أنتنّ تُسرفن في بلد عطش، تُهدرن حياة أولادكنّ وأحفادكنّ، ثم تشكون من قلة الماء وارتفاع الفواتير. الإسراف ليس حرصاً على النظافة، بل أنانية وجهل وغياب وعي.

أما المهندسون الذين يصرّون على وضع البلاليع في كل غرفة، فهم شركاء الجريمة. أي عقل هندسي مريض يجعل من غرفة النوم أو غرفة الجلوس مكاناً لتدفق المياه وكأنها مغسلة سيارات؟ هذا ليس تقدماً ولا خدمة، هذا تشجيع صريح على ثقافة الإسراف. أنتم بذلك لم تخدموا الناس، بل أفسدتم عاداتهم، وفتحتم لهم باب التبذير على مصراعيه.

والنتيجة؟ بلد يعاني من الجفاف، عطش في كل بيت، انقطاع دائم في المياه، كهرباء مقطوعة، وشتاء قادم بلا مازوت ولا مطر. ومع ذلك، الناس ما زالوا يسكبون الماء كأنهم يعيشون فوق منابع دجلة والفرات مجتمعين.

يا أهل سوريا: هل تنتظرون حتى تجف أنهاركم كلياً؟ هل تنتظرون حتى تشربوا ماءً ملوثاً أو تُشتروا كل لتر بمبلغ لا يُطاق؟ استيقظوا. فالإسراف جريمة، والسكوت عليه خيانة.