الايكو سكور السوري
3دقائق في صناعة الالبسة
10/1/20251 min read


لقد أفاقت فرنسا على صوت هذا الألم، وقررت، في خطوة كأنها اعتراف بالذنب، أن تبدأ اعتبارًا من الأول من أكتوبر 2025 بوضع ما يُعرف بـ "الإيكو-سكور" (Eco-Score) على الألبسة. هذا الرمز ليس مجرد رقم، بل هو سجل أسود للأثر البيئي لكل قطعة، يكشف حجم الكارثة التي سببتها.
أكتب هذا اليوم لان سوريا بلد منتج, حلب كانت وما زالت رغم تدمير مصانعها وسرقة معامل ومكنات الانتاج الى ايران وجنوب لبنان , و ذلك بعد الحرب الشرسة لنظام الأسد المجرم و حلفائه وما خلفوا ورائهم من مواد كيماوية سامة وشعب متناثر في الأرض.
إنها لحقيقة موجعة: البيئة، ليست مجرد مفهوم عابر، بل هي شرايين حياتنا المهددة بالجفاف. لكن، هل سألنا أنفسنا يومًا ونحن نلهث وراء أحدث صيحة، ما الثمن الباهظ الذي يدفعه كوكبنا مقابل هذا الطوفان الجنوني من الألبسة الذي يغرق أسواقنا كل موسم؟ وهل باتت إنسانيتنا تتقبل أن نرتدي أثوابًا ملوثة، منسوجة من مواد بلاستيكية مسرطنة، تترك وراءها ندوبًا لا تُمحى على وجه الأرض؟
ما الذي يشي به هذا المؤشر الحزين؟
إنه يروي قصة استنزاف موارد الكوكب
عن كمية المياه النقية التي سُرقت من الأنهار والأرض لصناعة رداء واحد.
عن حجم السموم والغازات الدفيئة التي بُثت في أجوائنا أثناء التصنيع والنقل، لتساهم في حُمى الكوكب.
عن مصير هذا الرداء بعدما نملّ منه: هل سيُرمى ليتحول إلى نفايات أبدية في مكب مهمل؟ أم سيجد من يعيد له الحياة؟
عن تلك الشظايا البلاستيكية الدقيقة التي تتسلل من نسيجه أثناء الغسيل لتخنق الحياة في أعماق المحيطات.
هذا المقياس سيُعلن بوضوح، وكأنه لوحة عار، إما رقمًا صريحًا أو عبر رمز على الملصق. الهدف هو تعرية الشركات المتسببة في التدمير، وإجبار المستهلكين على مواجهة حقيقة اختياراتهم. ورغم أنه نظام طوعي في البداية، إلا أنه طعنة في ضمير الصناعة.
هذا التحرك هو اعتراف متأخر بأن الموضة أصبحت وباءً بيئيًا. لكن يبقى السؤال المُعلّق كغيمة سوداء: هل ستكفي هذه الخطوات الأوروبية لإنقاذ ما تبقى من الأرض؟ أم أن هذا العداد البيئي سيظل حكرًا على الغرب، بينما تبقى أسواقنا وبلداننا، مثل سوريا، غارقة في عتمة الجهل بحقيقة ما نرتدي، نستنزف ونُستنزف، دون أن نسمع صرخة الكوكب المختنقة؟